"حماية المباني والمواقع التراثية" عنوان ورشة العمل التي نظمتها مفوضية الثقافة في "الحزب التقدمي الاشتراكي" بالتعاون مع وزارة الثقافة - المديرية العامة للاثار ورشة عمل بعنوان "حماية برعاية رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، ووزير الثقافة الدكتور محمد داوود في المكتبة الوطنية - الصنائع.
حضر ورشة العمل النائب فيصل الصايغ ممثلا جنبلاط، النائب هنري حلو، المهندس بول معراوي ممثلا رئيس "حزب القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع، النائبان السابقان غازي العريضي وانطوان سعد، المدير العام للاثار المهندس سركيس الخوري، المدير العام لوزارة المهجرين المهندس احمد محمود، المدير العام للسكك الحديد والنقل زياد نصر، الدكتور اكرم سكرية ممثلا امين عام "تيار المستقبل" احمد الحريري، الدكتور محمد رحال ممثلا قيادة "حركة امل"، أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي الاستاذ ظافر ناصر، اللواء ابراهيم بصبوص، وعدد من رؤساء البلديات واتحاد البلديات والناشطين البيئين والاجتماعيين.
بداية، النشيد الوطني ، ثم القى مفوض الثقافة في "الحزب التقدمي الاشتراكي" الاستاذ فوزي ابو ذياب كلمة قال فيها: "إن لقاءنا اليوم في هذه الورشة التخصصية التي تجمع نخبة من الخبراء المهتمين والمتابعين والعاملين في مجال المباني التراثية، فرضته ثلاثة عوامل أساسية ملحة:
التساقط المتزايد للمباني التراثية المدروس والممنهج، في ظل غياب سياسة وطنية رادعة، وفي ظل غياب قانون يحمي تلك المباني ويحمي أيضا القوى المدنية الحية المدافعة عن تلك المباني. خطر التدمير الممنهج،والذي يتزامن وللأسف مع عملية تدمير وتهجير كبرى شهدتها ولا تزال، منذ سنوات
ثم القى الصايغ كلمة قال فيها: "كلفني حضرة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فشرفني تمثيله في ورشة العمل هذه التي تتناول موضوعا هاما وحيويا.ليست المرة الاولى التي يتناول فيها الحزب التقدمي الاشتراكي موضوع الابنية التراثية وسبل حمايتها، ونؤكد لكم انها لن تكون الأخيرة، وذلك انطلاقا من القناعة بأهمية هذا الملف. لا بل استطيع القول ان الاهمية التي يوليها الحزب لهذه القضية توازي اهتماماته في الكثير من القضايا الوطنية نظرا لما لها من انعكاسات بيئية وعمرانية واجتماعية".
أضاف: "لقد سعى الحزب طوال السنوات مع وزراء الثقافة المتعاقبين لإيلاء موضوع حماية الابنية التراثية ما يستحقه من اهتمام ورعاية واهتمام واحتضان، وقاد هذه الحملة رئيس الحزب وليد جنبلاط الذ وضع اطارا عاما للموقف من خلال تصاريحه وتغريداته المتعددة التي رفض فيها النهش المتتالي للابنية القديمة واستبدالها التدريجي بمكعبات الباطون الاسمنتية وناطحات السحاب التي تكاد تلامس السماء وتقطع الهواء الملوث اصلا عن المدينة واهلها. وليس خافيا على أحد الجهد الاستثنائي الذي بذله وليد جنبلاط في الجبل، على مدى أكثر من أربعين سنة، في الحفاظ على التراث وحمايته وصيانته، كما انه أقدم على إحصاء المواقع القديمة وترميما والشوف شاهد على ذلك من خلال المئات من المواقع التي تعكس عمق التاريخ وتروي قصص الحضارات التي مرت على المنطقة".
ثم كانت كلمة الوزير داوود فقال: "نلتقي اليوم في رحاب المكتبة الوطنية التي تجسد الهوية الثقافية التراثية بكل مكوناتها، فهي مبنى تراثي بامتياز، يروي بهندسته المعمارية تاريخ فن العمارة القديم، ويحتضن في رحابه إرثا وطنيا ومخزونا فكريا يتضمن آلاف الكتب والمخطوطات، فتمزج بذلك بين التراث المادي واللامادي، وبين التراث المنقول وغير المنقول، وتستكمل مسيرتها الثقافية لتخط تاريخ لبنان القديم والمعاصر، فتغدو صرحا تراثيا ثقافيا ونموذجا حيا في مجال حماية واستثمار الأبنية التراثية وتوظيفها لنشر الوعي الثقافي".
أضاف: "بادىء ذي بدء، لا بد أن نتقدم من الحزب التقدمي الإشتراكي (مفوضية الثقافة) بالشكر والتقدير لتنظيمها هذه الورشة المتخصصة، ولا سيما للأستاذ وليد جنبلاط، المناضل والمقاوم الشرس في مجال حماية الإرث الثقافي. فمنطقة الشوف مثال يحتذى به، فبالرغم من التحولات الإجتماعية، العمرانية، والإقتصادية، نراها قد حافظت على تراثها المعماري وطابعها التاريخي. حماية المباني والمواقع التراثية، إشكالية قديمة العهد، برزت مع التوسع العمراني الذي اجتاح العاصمة بيروت، وامتد ليشمل كافة المدن اللبنانية. فاعترضت وزارة الثقافة معضلة محورها الإرث المعماري وحقوق المواطن، التي تتصارع فيما بينها، فحق المواطن على الدولة حماية إرثه الثقافي والذاكرة الوطنية، وحقه أيضا استثمار عقاره تراثيا كان أم غير تراثي، مدرجا على لائحة الأبنية التراثية أم غير مدرج، وحق التاريخ علينا جميعا صون التراث والآثار وتوريثها للأجيال المستقبلية".
وتابع: "تحديات تشريعية واقتصادية واجتماعية، جعلت من عملية المحافظة على الإرث المعماري مسألة معقدة لم تخل من بعض التجاوزات والمخالفات، فسعت وزارة الثقافة إلى رصد الثغرات وأمكنة الخلل وعصرتها في مشروع "قانون حماية المواقع والمباني التراثية"، الذي هو قيد الدرس حاليا في اللجان النيابية، كما أنها عملت على إعداد مشروع مرسوم يرمي إلى تنظيم المعايير الواجب إعتمادها لتصنيف الممتلكات الثقافية غير المنقولة".
وقال: "حماية تراثنا الثقافي ولا سيما المعماري منه، مسؤولية وطنية نتحملها سويا، جهات رسمية وخاصة، أحزاب وجمعيات، مجتمع مدني ومحلي، وحتى لوسائل الإعلام دورها الخاص. فوزارة الثقافة تسعى دوما إلى مد يدها والتعاون مع الجميع، لتوحيد الجهود والنهوض بالقطاع الثقافي الذي لا يستقيم إلا بدعم استراتيجية وطنية تعزز الوعي الثقافي، ومقاربة علمية وعملية جريئة تحافظ ما تبقى من تراثنا المعماري، وتبرز مدننا وأحيائنا التاريخية وتحمي نسيجنا الإجتماعي والعمراني، مع خلق علاقة متوازنة بين التراث والحداثة".
وأضاف: "إذ، تحيي وزارة الثقافة الجهود المبذولة لتنظيم هذه الورشة، واعتبارها منبرا مفتوحا لتبادل الخبرات والتجارب والخروج بحلول ومقترحات عملية توازي بين حماية التراث وصون الملكية العقارية وإنصاف المواطن، تتقدم بالشكر والتقدير لكل من ساهم في التنظيم والتحضير، وللمحاضرين والمشاركين، ولنعمل سويا إلى توريث أجيالنا ثروة وطنية نفتخر بها".
الجلسة الأولى
ثم بدأت الجلسة الاولى بعنوان "حماية المباني والمواقع التراثية مسؤولية وطنية ، وشارك فيها المدير العام للاثار المهندس سركيس الخوري، نقيب المهندسين جاد تابت ممثلا بعضو مجلس النقابة المهندس فراس ابو ذياب، والمدير العام للتنظيم المدني المهندس الياس الطويل ممثلا بالمهندس حبيب الريس.
المدير العام للآثار المهندس سركيس خوري اعتبر ان : "التراث جزء لا يتجزأ من هويتنا الوطنية، وجسر عبور بين الماضي، الحاضر والمستقبل، ومحرك أساسي في العجلة الإقتصادية.
تمثل العاصمة، كما المدن اللبنانية الأخرى، نموذجا للجدل القائم بين التوسع المديني ومعضلة الحفاظ على النسيج العمراني القديم والحديث، وللعمل على تعزيز الهوية الثقافية من جهة، وتفعيل مبدأ التنمية المستدامة إقتصاديا واجتماعيا من جهة أخرى".
أضاف: تعتبر حماية المباني والمواقع التراثية مسؤولية وطنية جامعة، ولكن بالرغم من إتفاق الجميع على أهمية هذا الإرث الثقافي، إلا أن محاولات الحفاظ عليه تتعثر في مواجهة احتياجات التطوير العمراني والتزايد السكاني. فبعد إنتهاء الحرب اللبنانية وفي طفرة البناء التي غابت عنها الخطط التوجيهية الآخذة بعين الإعتبار إشكالية التوسع المديني من جهة، ومعضلة الحفاظ على التراث العمراني القديم والحديث من جهة أخرى، إتجهت المباني التاريخية إلى الإندثار لتحل مكانها الأبنية الشاهقة مغيرة، طابع المدن التي كانت تتميز به".
وأشار إلى أن "الهدف الرئيسي من حماية المباني التراثية هو الحفاظ على النسيج العمراني والإجتماعي، ولكن هذا الأمر لا يقف عائقا أمام إستثمار عدد منها، ضمن رؤية واضحة ومشتركة لتوظيف هذا التراث إقتصاديا وثقافيا:
1- إستملاك أو إستئجار عدد من الأبنية التراثية لأهداف ثقافية
2- تحويل البعض منها هذه الأبنية إلى متاحف تراثية أو معرض للفنون التشكيلية
3- تحويلها إلى مطاعم لتسويق المأكولات التقليدية والشعبية
4- تحويلها إلى فنادق تراثية تجذب السواح، وتوفر فرص عمل للمواطنين، وتعطي حوافز لمالكيها للمحافظة عليها
5- تحويلها إلى مشغل للصناعات الحرفية التقليدية والمنتوجات المحلية
وختم خوري لقد سعت وزارة الثقافة قدر الإمكان بالحد من هدم الأبنية التراثية والحفاظ على الإرث المعماري والثقافي، بدون أن يواكبها أي جهد مواز سواء بالتشريعات، بالقرارات الإدارية أو بالمتابعة الفنية لهذا الملف الحساس.
لذلك، وإدراكا منا وتيقنا بتأثير هذا الملف على الوجه الحضاري والثقافي للدولة اللبنانية، ووعينا التام لأهمية الحركة العمرانية في بيروت ومساهمة هذا القطاع في الإقتصاد الوطني، فإننا نصر ونشدِّد على ضرورة التعاون والتنسيق بين كل الجهات المعنية للوصول إلى معالجته بصورة جذرية وفقا للأصول، والعمل على وضع رؤية إستراتيجية شاملة تحمي طابع الأحياء القديمة فيها مواكبة مع عملية تشجيع الإستثمارات العقارية، وبانتظار صدور قانون حماية المواقع والأبنية التراثية، وبعد توفير الإمكانيات اللازمة (بشرية، فنية ومادية).
الجلسة الثانية
ثم كانت استراحة قصيرة، تلتها الجلسة الثانية بعنوان "الحماية القانوية والمدنية المطلوبة" شارك فيها الدكتور المهندس خالد الرفاعي من المديرية العامة للآثار، والمهندس المعمار زاهر الغصيني عن دور البلديات والمجتمع المحلي، والاستاذة جنين عبد المسيح رئيسة (ICOMOS) لبنان، والقاضي المتقاعد شربل الحلو عن دور المجتمع المدني المتخصص.