لفت وزير الثقافة محمد وسام المرتضى الى أنه "لو تأملنا ما تعانيه بلادنا بمختلف أقطارها ودولها من اهتزازات أمنية وسياسية واقتصادية، لوجدنا وجوه تشابه بين الأحداث المتنقلة هنا وهناك، سواء من حيث الأسباب أم النتائج، وإن مع بعض التفاوت، وبعيدا من نظرية المؤامرة أسارع إلى قول ما يفيدنا قوله من أن هذه المعاناة تحتم علينا تفعيل الشعور الأخوي الذي تمليه علينا هويتنا والقيم التي نهضت عليها عروبتنا، لكي نستطيع مواجهة التحديات التي تحيق بنا."
كلام الوزير المرتضى جاء خلال رعايته وحضوره اليوم في المتحف الوطني بحضور السفير العراقي في لبنان حيدر البراك تقديم متحف "نابو" ممثلا بجواد عدرة ما يقارب 337 رقم مسمارية الى الجمهورية العراقية التي استلمت هذه القطع ممثلة باللواء ضياء الموسوي.
المرتضى
وزير الثقافة وفي مستهل كلمته لفت الى أهمية المناسبة، وقال: "الآن في هذا المقام الثقافي الجامع، يخيل إلي أن الآثار التي التقينا بصددها تتلفت صوبنا، تحدق في وجوهنا، وتردد على مسامعنا قول نزار:
إن في داخلي عصورا من المجد فهل لي إلى العراق التجاء."
وأضاف: "فهذه الآثار سوف تعود إلى أرض الرافدين عودة مهاجر إلى مسقط رأسه، هذه الأوابد الشواهد على طفولة التاريخ الإنساني الذي ولد منذ أول العهد بالحياة على سرير ماء ما بين دجلة والفرات، حتى ليصح القول: لو كان لمطرح من الأرض أن يدعي أبوة الحضارة لكان العراق."
وشدد المرتضى على "المصير الواحد بين لبنان والعراق، ذلك أمس ضم المشرق كله إلى مصير واحد. وها هو اليوم الحاضر يؤكد حقيقة الماضي واستمرارها حية من خلال ما نمر به من كوارث ونكبات وانتصارات. واقع تجلى في محطات عديدة كانت إشارات واضحة الدلالة على عمق الارتباط الرسمي والشعبي بهذا المصير المشترك. ولبنان الرسمي والشعبي لن ينسى أنه في خضم الحصار كانت المبادرة العراقية تجاه لبنان في مسألة الفيول المخصص لتوليد الكهرباء."
ودعا الى "التكاتف في مواجهة التحديات، فلو تأملنا ما تعانيه بلادنا بمختلف أقطارها ودولها من اهتزازات أمنية وسياسية واقتصادية، لوجدنا وجوه تشابه بين الأحداث المتنقلة هنا وهناك، سواء من حيث الأسباب أو النتائج، وإن مع بعض التفاوت. وبعيدا عن نظرية المؤامرة أسارع إلى قول ما يفيدنا قوله من أن هذه المعاناة تحتم علينا تفعيل الشعور الأخوي الذي تمليه علينا هويتنا والقيم التي نهضت عليها عروبتنا، لكي نستطيع مواجهة التحديات التي تحيق بنا، فإن الله تعالى أوصانا بذلك في كتابه العزيز إذ قال: (ولا تفرقوا)، ولعل لبنان في هذا الظرف بالذات أكثر حاجة إلى تكاتف أشقائه حوله لينهض من عثاره ويعود إلى ممارسة دوره. علما أن لبنان هو من أشد الداعين إلى تحقيق الوئام بين الدول العربية، وإلى توطيد التعاون على جميع المستويات كمدخل لا بد منه لإسترجاع الحقوق السليبة في فلسطين، مصداقا لقوله تعالى: (رحماء بينهم). وهذا يقتضي منا الوقوف على أسباب التفرقة للقضاء عليها."
واردف: "لقد انتصر العراق على الاحتلالات والتكفير. وكذلك فعل لبنان. هذا السبيل الواحد الذي سلكته الدولتان سيفضي بهما قريبا إن شاء الله إلى تحقيق المصالح الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيهما. أقول هذا، عالما بما لبنان فيه من انهيار على صعد شتى، وواثقا في الوقت نفسه بتصميم الحكومة رئيسا ووزراء على وضع خطة التعافي الاقتصادي، وبالمقدرات الكبيرة لدى الشعب اللبناني المؤمن بوطنه والقادر على إنقاذه."
وعن مدى محبة لبنان لدى العراقيين استشهد بما قالته الشاعرة العراقية لميعة عمارة: "منذ أكثر من خمسة عشر عاما زارت لبنان شاعرة العراق لميعة عباس عمارة بعد غياب طويل فقالت:
نبهت عيني من شك لأسألها بيروت هل غادرتني كي أعود لها؟."
وختم المرتضى: "باسمي واسم دولة رئيس الحكومة الأستاذ نجيب ميقاتي واسم جميع اللبنانيين ومنهم القيمون على متحف نابو، اقول لكم الآتي: الحقيقة الساطعة كشمس سامراء، الناصعة كثلج صنين، تؤكد للقاصي والداني أن بيروت لا تغادر قلوب العراقيين. وبغداد لا تغادر قلوب اللبنانيين، ونحن وأنتم واحد. لذلك إذ نضع بين أيديكم هذه الآثار يمكننا القول: هذه بضاعتنا ردت إلينا أو إليكم، لا فرق."
البراك