رعى وزير الثقافة الدكتور محمد داود داود الاحتفال الذي نظمه النادي الحسيني في مدينة النبطية لإعادة افتتاح "مكتبة النادي الحسيني العامة"، في حضور رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، النائبين ياسين جابر وهاني قبيسي، ممثل السيد علي السيستاني في لبنان حامد الخفاف، رئيس ديوان الوقف الشيعي في العراق السيد علاء الموسوي، رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان، قائمقام حاصبيا احمد كريدي، ممثل ممثلية الهلال الاحمر الايراني في لبنان جواد فلاح، رئيس الاتحاد العمالي العام بالانابة حسن فقيه، رئيس دائرة الجوازات والجنسية في الامن العام العميد الركن حسن علي أحمد وفاعليات.
بعد آي من الذكر الحكيم للمقرىء وجدي حوماني والنشيد الوطني ونشيد النادي الحسيني وكلمة لاسماعيل توبة، ألقى امام مدينة النبطية ومفتيها الشيخ عبدالحسين صادق كلمة تحدث فيها عن فوائد المطالعة وميزاتها وعن تاريخ المكتبة ونشاطاتها الثقافية. وقال: "اليوم توقد مكتبة النادي الحسيني في جنوبنا الحبيب شمعة متواضعة على طريق القراءة والثقافة مؤمنة أن الشعب الذي اجترح المعاجز في ميدان القتال قادر على اجتراحها في الميدان الثقافي".
وشكر للموسوي "النموذج الناصع والفريد في الكفاءة والعمل الجاد والكف النظيفة، والشكر والتقدير موصول لوزير الثقافة الدكتور محمد داود داود، ربيب بيت من بيوتاتنا الجنوبية المقاومة التي قدمت للتاريخ دروسا مشرفة بليغة مع القائد الشهيد داود ونجله وزير الثقافة".
الموسوي
وكانت كلمة لرئيس ديوان الوقف الشيعي في العراق علاء الموسوي ، شدد فيها على أن "الكتاب الورقي بقي هو الوعاء الأكثر أمانا لحفظ تراثنا الديني والبشري والاكثر رغبة لدى المطالعين الجديين والباحثين المختصين. لذا يبقى الكتاب الورقي ضرورة يجب التمسك بها وخصوصا في المكتبات العامة. وما نشهده اليوم من إعادة تأهيل وافتتاح لمكتبة النادي الحسيني العامرة تحت إشراف سماحة الشيخ عبدالحسين صادق، لهو خطوة في الاتجاه الصحيح لإعادة ثقافة المطالعة لشبابنا وشاباتنا، هذه الثقافة التي غودرت وهجرت وعدنا بعد أن كنا أمة تقرأ الى أمة لا تقرأ حتى في تاريخها الحديث ناهيك عن تاريخها البعيد".
داود
ختاما كانت كلمة لوزير الثقافة قال فيها: "العود دائما للنبطية، قلعة المقاومة ومنبت الثوار، صرخة الحق في وجه المحتل الغاصب، تكتب بدمها مفردات الكرامة عوض الذل، والتحدي عوض الاستسلام، وترفض العبث بأحلامها، مدينة العلماء والشهداء، الذين نشروا عطر نجيعهم في تراب الوطن، حتى زها بالنصر الخفاق. وما أود الإشارة إليه أن ما حصل في الجنوب اللبناني من انتصارات في الآونة الأخيرة، ليس طارئا، إنما حلقة من حلقات سلسلة لم تنقطع على مر الزمان، منذ القرن الهجري الأول مع الشاعر عدي بن الرقاع العاملي، وعبدالمحسن الصوري في القرن الهجري الرابع، وصولا إلى الشهيد الأول محمد بن مكي الجزيني العاملي الذي يعد مؤسس النهضتين العلمية والأدبية، وتحديدا سنة 755 هـ تاريخ عودته من العراق، وينسب إليه في وصف تميز أبناء جبل عامل قوله: شغلنا بكسب العلم عن طلب العلى كما شغلوا عن مطلب العلم بالوفر فصار لهم حظ من الجهل والغنى وصار لنا حظ من العلم والفقر".
أضاف: "والجدير بالذكر ،أن هذه الحركة لم تنقطع، فأخذت أشكالا متعددة على الرغم من المحن التي كانت تعوق إيقاع مسارها بين آونة وأخرى، وكان المرادف دوما لهذا الحراك العلمي الفكري ايقاعات وطنية شريفة تمثلت في رفض المحتل الغاصب ومجابهته على الدوام، ثم كانت الرحلة العلمية إلى العراق وإيران وبلاد العالم الإسلامي، ثم الشهيد الثاني وحركة المدارس التي خرجت العشرات من أبناء جبل عامل، شيوخا ومقاومين. القائمة تطول، من بهاء الدين العاملي الى الحر العاملي، الى الشيخ إبراهيم يحيى جد مشايخ آل صادق، مرورا بالسيد عبدالحسين شرف الدين، والإمام القائد السيد موسى الصدر، وليس انتهاء بالعلامة الشيخ عبدالحسين صادق، والمسيرة لا تنطفىء".
وتابع: "إن اجتماعنا اليوم في افتتاح مكتبة عامة وفي مدينة النبطية هو دليل واضح جلي إلى تمسكنا بأرضنا وخياراتنا ومقاومتنا، جادون في عمارتها، كما يليق بهذه المسيرة الطويلة، من خلال مقاومة تأخذ شكل البندقية تارة، وشكل الكتاب تارة أخرى. ولا شك في أن للمكتبات دورا كبيرا في إحياء الحياة الثقافية في المدن، لذلك ارتبطت الكثير من المدن العالمية بأسماء كاتبيها وفلاسفتها ومفكريها الذين أفادوا الإنسانية بعلومهم وأفكارهم. وها نحن نرحب بالمكتبة العامة مدماكا فاعلا في نشر الثقافة والعلوم، نثمن دورها في إتاحة المعرفة للعموم من دون أن نغفل بالطبع تأثير التكنولوجيا على خدمات المكتبات، والتطور الهائل في تقنيات التعليم والتواصل الذي شهدته البشرية أخيرا. إن المكتبات العامة هي مؤشر ثقافي للدولة، إذ لا يمكن إنكار دورها في تنمية الثقافة الوطنية، فهي المدى المفتوح أمام القراء والباحثين، وفضاء نظيف لصناعة الوعي الجماعي بطريقة ميسرة".
وقال: "ببالغ الفخر، يسرنا أن نقدم مكتبة النبطية إلى لبنان. هذا المشروع الذي يعكس رؤية المدينة المستقبلية، ونتيجة الجهود المشتركة للحفاظ على تراثنا وثقافتنا. نحن فخورون للغاية بأن نتمكن من تقديم رؤية أكثر تعمق إلى العالم العربي من خلال مجموعة من النشاطات التي تجرى على مدار العام وتكون في محورها اهتماماتنا كافة من معيشية واجتماعية وسياسية وثقافية. إن هذه المدينة التي لم تستلم للعدو برجالها ونسائها وشيوخها وأطفالها، قاومت بأقصى ما تملك، فحصلت الاعتقالات والمجازر على مدى عقود من الزمن، وفي كل مرة كانت تنتفض لتعود في أبهى حلة، بإحياء المناسبات الدينية التي تبث العزيمة في نفوس أبنائها وأبناء القرى المجاورة. هذه المدينة التي ارتبط اسمها بالإمام الحسين عليه السلام، تخرج الأبطال إلى الوطن، بولاء صادق ووطنية مشهودة".
أضاف: "بعد بضعة أيام تحتضن مدينة النبطية إحياء الذكرى الواحدة والأربعين لإخفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه أعادهم الله سالمين غانمين، هذا الإمام الذي أتقن لغة العشق للجنوب، العين الساهرة والحضن الدافىء والقلب المشتعل حبا ووفاء، رجل الحوار والوطنية. وبعده تماما، تكون النبطية على موعدها السنوي مع سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، في صورة ولائية قل نظيرها لنعود ونؤكد سوية من خلال هاتين المناسبتين على ثوابتنا المستقاة من الثورة المباركة والنهج القويم".
وتابع: "إننا إذ نبارك لكم ذكرى التحرير والانتصار، يهمنا أن نؤكد أن هذه الأرض التي شربت من دماء الشهداء وعرق المجاهدين، لن تهدأ من أجل مصلحة الوطن، تقهر مشاريع الفتنة والتقسيم، تحمي الوطنية بكل ما أوتيت من عزم. إننا في وزارة الثقافة، إذ نبارك لكم افتتاح مكتبة النبطية، يهمنا ان نشدد على دعم الكتاب بكافة أشكاله الإبداعية والتاريخية والبحثية والاكاديمية والتوثيقية، دعم المكتبات العامة سنويا من خلال خطة الوزارة في نشر الثقافة والمعرفة، تشجيع كل النشاطات الثقافية في كل المناطق عملا باللامركزية الثقافية وهي من صميم عمل وزارة الثقافة".
وختم داود: "سنتابع بعزم وثبات عملنا السياسي في الخط الذي وضع أسسه الإمام القائد السيد موسى الصدر، الذي يضع نصب عينيه مصلحة لبنان أولا ومصلحة بنيه، وهذا ما يؤكده في كل يوم حامل الأمانة، الرئيس نبيه بري، الذي عرف بحنكته ودرايته كيف يأخذ بيد الوطن إلى بر الأمان، وشرع مخزون حرصه ووطنيته امام الأطراف اللبنانيين كافة، وما شهدناه بالأمس القريب يؤكد عزمنا وخيارنا على النهوض بالواقع السياسي ورفع الأداء في كافة الأدوار والمواقع لما فيه الخير لهذا الكيان العزيز".
بعد ذلك قدم الشيخ صادق درعا تقديرية لداود والموسوي، وكان تكريم الطلاب المتفوقين في الامتحانات الرسمية من النبطية ومنطقتها، ثم قص داود والموسوي وصادق الشريط التقليدي لافتتاح المكتبة وجالوا والحضور في أقسامها.