كرمت نقابة شعراء الزجل في لبنان شعرائها الكبار: موسى زغيب، طليع حمدان وجريس البستاني، في حفل أقيم في المعهد الانطوني - بعبدا، برعاية وزير الثقافة الدكتور محمد داود داود ممثلا بالمدير العام الدكتور علي الصمد، وقدمت للمكرمين الوسام النقابي وفاء وتقديرا لإبداعهم وعطاءاتهم في التراث اللبناني الزجلي على منابر لبنان والعالم لما يزيد عن خمسين عاما.
الصمد
استهل الاحتفال بالنشيد الوطني، كلمة ترحيبية من رئيس المعهد الانطوني الأب جورج صدقة. ثم القى الصمد كلمة بالمناسبة جاء فيها: "أن نكون، هذه العشية، في هيكل الشعر بين مبدعين، يوحى إليهم ما يوحى، وقد عبروا "وادي عبقر"، بعد أن أطالوا المكث فيه، وحيث جنيات الشعر يعمدنهم، فنحن في الحضرة من أولياء الكلمة، حملوها إلينا السحر الحلال، وليعلنوا بالفم الملآن: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان!"
واضاف: "أجل، أيها الأحباء، كما الخبز، كما الماء، فإن الكلمة المبدعة الطيبة، تحل على النفوس العطشى، تحييها، تلم شتاتها، فيخرج منها طائر فينيقها، ولتعود سيرتها الأولى! في هذه العشية الحميمة المباركة، ها نحن نعيش قداسة الكلمة وإبداعاتها مع شعراء كبار كبار، أناروا وكوكبات، من رعيل أول وثان، ومع رعيل آت يتلوه رعيل، أناروا سماء لبنان، كتبوا ويكتبون ولسوف يكتبون لنا مجدا على جبين الشمس! لبنان، أيها الأحباء، لبنان وطن النجوم، وطن الأرز الخالد، بمثل هؤلاء يقوى! فعذرا من أبي الطيب المتنبي:" المجد ليس للسيف بل المجد للقلم".
وتابع الصمد: "بتكريم ثلاثة من أعمدة الزجل اللبناني، نعظم شأن فن شعري، له كبير فضل في صيانة الذائقة الفنية، لدى اللبنانيين وفي تنمية حسهم الجمالي! فكما لكل فن، بمعزل عن نوعه، جمهور ينتصر له، فإن لفن الزجل جمهورا عريضا يتنامى يوما بعد يوم، بما يعيد الاعتبار الى هذا الفن الأصيل الذي عرف نهضة عارمة، منذ مطلع القرن الماضي وفي العقود الأخيرة منه. اليوم، إذ يعاود فن الزجل نهضته، فإن ذلك يتواكب مع إدراج الأونيسكو له على لائحة التراث العالمي، ضمن تراث البشرية الثقافي غير المادي، وذلك في 25/9/ 2010 ".
وأشار الى ان الأونيسكو "اعتبرت أن الزجل اللبناني هو صمام أمان، ذو دور في المساعدة على تمتين التماسك الاجتماعي، وأنه يسهم في ترسيخ الهوية الثقافية واستدامتها بين صفوف الشعب اللبناني". هكذا، بهذا التوصيف، وبما سبق القول، حول أبعاد هذا الفن الإيجابية، أدخلت المنظمة العالمية شعرنا الزجلي الى التراث الحي في دول المتوسط."
واردف الصمد بالقول: "على رغم الأعطاب البنيوية التي تشوب هذا البلد، والظروف الصعبة التي يجتازها في عدد من المجالات والحقول، فقد أنعم الله علينا بنعم كثيرة، يندرج شعر الزجل في عدادها، بل هو أحد الوجوه الوضاءة لدينا، فها هم شعراؤنا ينشرون إبداعات عقولهم وفيض مشاعرهم عبر حناجرهم الذهبية، منتصرين لقيم الحق والخير والجمال!
هل أحدثكم عن موسى زغيب، الحراجلي، رئيس الجوقة خليل روكز، وقد غدا "الملك"، بل "أبو القوافي العذارى"؟! وهو الحائز وسام الاستحقاق اللبناني، منذ العام 1973.
هل أحدثكم عن طليع حمدان، أبي شادي، العين-عنوبي (عين عنوب). إبن الجبل الأشم، الذي ملأ فضاء لبنان بعذوبة صوته وبحنجرته الذهبية التي لا تضاهى؟!
هل أحدثكم عن جريس البستاني، إبن الدامور الزاهرة، وقد اصطفاه خليل روكز لينضم الى جوقته، جوقة الجبل، إذ رأى إليه شاعرا واعدا واعدا؟
مكرمونا اليوم، ثلاثتهم من عمالقة ذلك الفن، بل هم علامات مضيئة في مسيرة لبنان الإبداع والفن الجميل، لبنان الطاعن في زمن الحضارة .
وختم الصمد: "إذ أنقل إليكم تحيات ومباركة معالي الوزير محمد داوود لمكرمينا الكبار، نحيي جهود نقابة شعراء الزجل في لبنان، ولا سيما رئيسها الشاعر المبدع جورج بو أنطون، الذي يسعى جاهدا وأعضاء النقابة الى إعلاء شأن الزجل اللبناني، فيعود الى سابق مجده، الى زمنه الجميل، الى زمن الكبار، رشيد نخلة، وشحرور الوادي، وخليل روكز، وزغلول الدامور وزين شعيب، وسواهم كثر !".
مبارك لشعرائنا المكرمين، فهم موضع فخارنا والاعتزاز، في وزارة الثقافة التي ستبقى السند والظهر لهذا الفن الأصيل ولمريديه المبدعين.
وجدد الشكر موصول للنقابة، رئيسا وأعضاء، وللمعهد الأنطوني، ممثلا برئيسه الأب جورج صدقه، الذي يشرع أبوابه لكل الفعاليات الفكرية والتظاهرات الثقافية والفنية الراقية.