يروي وزير الثقافة غطاس خوري لـ"النهار" ما جرى في جلسة مجلس الوزراء في 25 كانون الثاني الماضي. ويقول إن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق طرح أمام رئيس الجمهورية ميشال عون موضوع إصدار مرسومي دعوة الهيئات الناخبة وتشكيل هيئة الاشراف على إجراء الانتخابات النيابية قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي في حزيران المقبل. فكان أن طلب عون من المشنوق إرجاء طرح الموضوع. وقبل انتهاء الجلسة كررّ وزير الداخلية المحاولة، فما كان من رئيس الجمهورية إلا أن ردّ بعبارة صارت معروفة، وهي: "إذا ما خيّرت بين إجراء الانتخابات على أساس قانون الـ60 والفراغ فإنني سأختار الفراغ".
ويتابع خوري فيقول إن "ما جرى انتهى، وان رئيس الجمهورية ووزير الداخلية حريصان كلاهما على القيام بواجباتهما. وهذا ما دفع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري خلال ترؤسه الجلسة الاخيرة للحكومة الى تأكيد متانة العلاقة مع الرئيس عون الذي بادره بتوجيه التحية نفسها خلال استقباله وفد نقابة المحررين. ولا يخفي عدد من الوزراء أن ما جرى في جلسة بعبدا أحدث صدمة بسبب المواجهة غير المتوقعة بين عون والمشنوق، الذين يصفه كثيرون بأنه كان من بين أبرز الذين ساروا مع الرئيس الحريري بانتخاب عون رئيسا. فهل في ما حدث "كسر للجرّة" بين الرجلين؟
لا يعتقد خوري أن الامور وصلت الى هذا الحد بين رئيس الجمهورية ووزير الداخلية، واصفا ما جرى بالتباين الذي يعود الى قراءتين مختلفتين لكنهما تنتهيان عند موقف مشترك يتضمن الحرص على إجراء الانتخابات النيابية. غير أن عون لا يعتبر أن موضوع القانون الجديد تفصيل عابر يمكن القفز فوقه تحت ضغط المهل. بينما يخشى المشنوق أن تمضي الامور الى عدم التوصل الى قانون جديد في الفترة التي تفصلنا عن نهاية ولاية البرلمان، مما يجعله كوزير مسؤول عن إجراء الاستحقاق عاجزا عن القيام بمسؤولياته.
بالطبع ما حصل في تلك الجلسة أظهر انقساما في الشكل وليس في المضمون الذي هو إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون جديد. فهل ما زالت الرياح مؤاتية للابحار في هذا الاتجاه؟ يعرب خوري عن ثقته بأن لبنان ذاهب الى الانتخابات النيابية وفق قانون جديد ولو "عند صفرة الحكم"، أي عند بلوغ المباراة في كرة القدم نهايتها ليطلق الحكم صفارته، معلنا نهايتها، لكن أحد اللاعبين يمضي الى تسجيل هدف في المرمى في اللحظة التي يطلق الحكم صفرة النهاية، مما يغيّر نتيجة المباراة. وانطلاقا من هذا التشبيه يودّ وزير الثقافة القول إن إنجاز القانون الجديد سيبصر النور، ولو بدا أن المهل قد فاتت. كما أن وزارة الداخلية ستقوم بدورها في إجراء الانتخابات وفق المهل الجديدة التي سينص عليها هذا القانون، والتي ستحلّ مكان المهل المنصوص عليها في قانون الستين الحالي.
في المعلومات أنه لن يدرج بند قانون الانتخاب في جدول جلسة مجلس الوزراء بعد غد الاربعاء، لأنه ما زال يتحرّك في جلسات مغلقة على كل المستويات منذ تعذر الاتفاق على مسودة مشروع في إطار اللقاء الرباعي. والمبدأ المتفق عليه هو الوصول الى صيغة قانون مختلط يحتم إجراء الانتخابات ليس في موعدها المقرر في حزيران المقبل، بل في ايلول الذي يشكّل في التوقيت فرصة لممارسة حق الاقتراع.
ويعتقد أصحاب القرار أن أي سيناريوات تعيد عقارب الساعة الى الوراء لا مكان لها انطلاقا من واقع لا يزال لبنان يعيشه، هو نجاح مبادرة الرئيس الحريري في انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية وتسمية الحريري لتشكيل الحكومة، ثم ولادة الحكومة وبيانها الوزاري الذي نالت ثقة مجلس النواب على أساسه. ولن يكون إجراء الانتخابات النيابية خارج هذا السياق.