قال وزير الثقافة القاضي #محمد _وسام _المرتضى :" اللبنانيون محكومون بالعيش معا وهذا يفرض على كل مجموعة منا أن تتوافر فيها القدرة على النقد الذاتي .
واضاف :" أما التَقية الثقافية والسياسية التي نستعمل فيها لغتين، واحدة لأنفسنا وثانية للآخرين ، وأما ادعاء العصمة ورمي الآخرين بالضلال، كما يحدث خصوصا في المواسم الانتخابية، فهذه كلُّها شعارات جوفاء تناقض الحوار وتجرح المعية."
داعيا اللبنانيين "ان يدخلوا في #حوار _لحماية_الوجود _اللبناني من الأخطار التي تحيط به أو تسكن فيه ،وازمتنا الكبرى أننا كثيرًا ما نحاول معالجةَ مشاكلنا بالنعرات والعصبيات التي تزيدنا فرقَة على فرقة وانقساما على انقسام."
كلام #الوزير _المرتضى_ جاء خلال مشاركته الاحتفال بلبنان عضوا في دروب #الثقافة _التابع للاتحاد الاوروبي و اطلاق اكاديمية #الحوار _من _اجل لبنان في مقر #الجامعة _اللبنانية – الاميركية في جبيل بحضور عدد من الوزراء و المسؤولين المحليين والاوروبين يتقدمهم المدير التنفيذي لمجلس اوروبا للمسارات الثقافية ستيفانو دو مينيوي .
وكان وزير الثقافة بدأ كلمته عن واقع الحال في لبنان المنتصر دائما في وجه الازمات :" من تكوَن ترابه وهواؤه وماؤه، لم يكن لبنان غير حوار بين موج وثلج، وسهل وواد، وماضٍ وحاضر. وفي هذا قال سعيد عقل من إحدى روائعه التي غنتها فيروز:
أنا حسبي أنني من جبل هو بين الله والأرض كلامْ؟
ولو قال "حوار" بدلا من "كلام" لما اختلف المعنى.
وطن انتهَت إليه من أول الدهر دروب البرِ والبحر، فكان ملتقى حضارات ومرفأَ ثقافات وموئل حريات. ولأنه كذلك، كانت أرضه حينا مساحةَ سماحة، وحينًا مسالك معارك. وعلى امتداد عمره عرف السلام كثيرا، وتراكمت فيه الحروب الخارجية والصراعات الداخلية كثيرا أيضا، فعاش فترات ازدهار وأخوة، وأخرى لا حوار فيها إلا صليل السيوف ودوي القنابل. لكنه، دائمًا ما كان ينجو من أزماته، فيعلن انتصار الحبر على الحرب، ويستعيد الحضور البهي على مسرح الإنسانية،أي سر ترى يسكن هذا الوطن؟ "
وتابع المرتضى :" لعل الجواب يتحصل من مخرجات الندوة التي نفتتح اليوم فعالياتها في هذا الصرح الجامعي #العريق_ L AU _الذي ما انفك يقيم الأيام اللبنانيةَ واحدا تلو آخَر. فبالأمس كنا هنا في يوم السياحة الجبيلية؛ والآنَ نحن هنا لنحتفل بلبنان عضوا في "دروب الثقافة" التابع للاتحاد الأوروبي، ولإطلاق أكاديمية الحوار من أجل لبنان؛ وغدًا ربما نكون هنا في موعد ثقافي جديد."
واعتبر انه :" هكذا، ما بين أمس ويوم وغد، ومواعيد متعاقبة، نستطيع بالفكر البناء أن نبرز الهويةَ المعرفيةَ للبنان، فنجلو قسماتها، ونحدد اتجاهاتها، ونرفع الحوار عنوانًا لها، بما هو منبر التقاء بين الناس، وميراثٌ حضاري حفظَه تاريخنا منذ طفولته."
واردف :" وفي هذه المناسبة أود أن أسجل على دفاتر أسماعكم بعض الخواطر السريعة:
أولًا: إن الهويةَ المعرفية لا تناقض البتة هويتَنا السياسية التي هي انتماء إلى العروبة الحضارية، خلاصة وجودنا ومضمون اتفاقنا الوطني؛ مع التشديد طبعا على التعدد ضمن الوحدة الذي هو سمة كلِ حضارة راقية. ذلك أنَ الشعوب الكثيرة التي مرت بهذا الشاطىء غازيةً أو عابرة، حفرت تذكاراتها على صخور نهر الكلب، إلّا العرب فإنهم حفروها في القلوب وعلى الألسنة، كما يقول فيليب حتي. لذلك ينبغي لكل حوار ثقافي أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الحقيقة الحياتيةَ التي جسدها اللبنانيون على مر العصور أدوارًا بارزة في النهضة العربية بمختلف ميادينها، والتزاما بقضايا العروبة وأهمها: فلسطين والحرية والعدالة والتنمية.
ثانيا : إن الحوار، أي حوار يجب أن يبدأ مع الذات أولًا؛ فإنما ينبغي للمرء أن يقف يوميا أمام مرآة أفكاره، ويراجعها على ضوء علاقته مع الآخر. نحن هنا لنعيش معا، والمعية تفرض على كل فرد منا أن تتوافر فيه القدرة على النقد الذاتي لتجديد النفس. أمّا التَّقِيَّةُ الثقافية والسياسية التي نستعمل فيها لغتين، واحدة لأنفسنا وثانيةً للآخرين... وأمّا ادعاء العصمة ورمي الآخَرينَ بالضلال، كما يحدث خصوصا في المواسم الانتخابية، فهذه كلُّها شعارات جوفاء تناقض الحوار وتجرح المعية.
ثالثًا: إن أي حوار خال من المحبة هو هذر لفظي لا مؤدي له سوى هدر الوقت. ذلك أن الفكر الذي عادة ما يقود حوارات النخبة هو في عمقه إدراك لمعنى من معاني الحياة التي لا تنشأُ وتستمر إلا بتمتين أواصر المحبة بين المواطنين.
رابعًا: إن الحوار من أجل لبنان، ينبغي أن يسعى به إلى حماية الوجود اللبناني من الأخطار التي تحيط به أو تسكن فيه. إن الأزمات التي تكتنفنا من داخل وخارج لا حصر لها. لكن الأزمةَ الكبرى أننا كثيرا ما نحاول معالجةَ مشاكلا ارتجالًا، بالنعرات والعصبيات التي تزيدنا فرقة على فرقة وانقساما على انقسام. لا أريد أن أقدم أمثلةً على هذا الواقع المر الذي نعيشه يوميا وبخاصة في هذه الظروف، لكنني أود أن أركز على أننا، باعتماد الأساليب العلمية في الحوار، موضوعات وأهدافا وآليات، قادرون على تجاوز الكثير من العقبات المصطنَعة.
وختم المرتضى :"قال سيدي وسيد البلاغة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: "تكلّموا تعرفوا، فإن المرء مخبوء تحت لسانه". لتكن حواراتنا إذا كشفا للذات أمام الآخر، واكتشافا له على حقيقته كما هو لا كما نراه نحن، كي لا يظل كل واحد من مختبئا تحت لسانه... والسلام."